نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ مدخوله ـ اى الادوات مستعملة فيما وضعت له من استيعاب ما يراد من المدخول المستفاد من مقدمات الحكمة او القيد المتصل او المنفصل اما فى التخصيص بالمتصل فلما عرفت من انه لا تخصيص اصلا وان ادوات العموم قد استعملت فيه وان كان دائرته سعة وضيقا تختلف باختلاف ذوى الادوات واما فى المنفصل فلان ارادة الخصوص واقعا لا تستلزم استعماله ـ اى كل ـ فيه ـ اى فى الخصوص وهو العالم العادل ـ وكون الخاص قرينة عليه بل من الممكن قطعا استعماله معه فى العموم قاعدة. اى أخر البيان فى موارد القيود المنفصلة لاجل مصلحة اقتضته ويكون ابراز العموم مع انه غير مراد لاعطاء الحجة ضربا للقانون ليكون مرجعا عند الشك فكل من الادوات ومدخولها مستعمل فى مفهومه فلا مجاز فى البين قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٢٣٩ ولا يخفى انه على هذا الاساس ايضا قد انفكت الارادة الاستعمالية عن الارادة الجدية فى صورة انفصال المخصص ان قلت اذا كانت الادوات موضوعة لاستيعاب ما يراد من المدخول فلا يلزم التفكيك بين الارادتين اذ الادوات كما مر موضوعة لاستيعاب المراد منه وهو يبين ببيان آخر متصل ام منفصل فائضا لا انفكاك بينهما ح نعم من يقول بانها موضوعة لاستيعاب ما ينطبق عليه المدخول فلا منا ص له من القول بالتفكيك بين الارادتين قلت لو كانت الادوات موضوعة لاستيعاب ما يراد من المدخول مع تبيينه بالاعم من البيان المتصل والمنفصل اللازم منه كون ظهور الدليل المنفصل مصادما لظهور العام وقرينة حاكمة عليه فالامر كما ذكر لا انفكاك بين الارادتين الّا انه ليس كذلك بل الادوات حسب مختاره قده موضوعة لاستيعاب المراد من المدخول المبين بدليل منفصل فلا محالة يصير الدليل المنفصل مصادما لحجية العام ويقدم عليه ـ

٢٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وعليه يلزم التفكيك بين الارادتين وبهذه الجهة يشترك القول بكون الادوات موضوعة لاستيعاب المراد من المدخول مع القول بكونها لاستيعاب ما ينطبق عليه المدخول من جهة لزوم التفكيك بين الارادتين. قال في الكفاية ج ١ ص ٣٣٦ وكون الخاص مانعا عن حجية ظهوره تحكيما للنص او الاظهر على الظاهر لا مصادما لاصل الظهور ومعه لا مجال للمصير الى انه قد استعمل فيه مجازا كى يلزم الاجمال. هذا غاية توضيح كلامه واجاب عنه المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٤٤٩ ويرد عليه ان ورود العام فى بعض الموارد لبيان حكم الشك ضربا للقاعدة كما فى الاستصحاب وقاعدة الطهارة ونحوهما وان كان مما لا ينكر الّا ان التخصيص فى مثل تلك العمومات فى غاية القلة لان تقدم شىء عليها فى الغالب انما يكون بنحو الورود او الحكومة واما العمومات الواردة لبيان الاحكام الواقعية الثابتة للاشياء بعناوينها الاولية من دون نظر الى حال الشك وعدمه فعمل اهل العرف بها حال الشك لا يكشف عن كونها واردة فى مقام ضرب القانون والقاعدة ضرورة ان عملهم بها عند الشك فى ورود التخصيص عليها انما هو من باب العمل بالظهور الكاشف عن كون الظاهر مرادا واقعا وعن ان المتكلم القى كلامه بيانا لما اراده فى الواقع وعليه فيستحيل كون تلك العمومات واردة لضرب القانون والقاعدة فى ظرف الشك كما هو واضح. واجاب عنه المحقق العراقي بنقل من استادنا الآملي في المنتهى ص ٢٤٠ بقوله وقد اجاب عنه شيخنا الاستاد قده بان المراد من ورود العام فى مقام ضرب القاعدة والقانون كون الغرض من القائه على المكلف (مع عدم ارادته بتمامه بل ارادة جعل الحكم لبعض الافراد لانه المراد بالارادة الجدية) هو اعطاء الحجة بيد العبد ليعمل على طبقها بملاحظة ما دل على الاخذ بالظهور ـ

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الذى هو حكم ظاهرى فى حقه الى ان ينكشف له الواقع من الدليل المخصص وح فالغرض من الحكم الظاهرى هو مفاد دليل التعبد بالعام لا نفس العام كى يكون من قبيل عمومات الاستصحاب ونحوها هذا وانت خبير بان ما افاده قده من ان مفاد العام ليس حكما ظاهريا بل الحكم الظاهرى هو دليل اعتبار العام فى غاية المتانة كما ان كون المقصود من القاء العام هو اعطاء الحجة بيد المكلف ليعمل على طبقه ما لم ينكشف الخلاف عليه ايضا مما لا اشكال فيه ولكن هذا المقدار من البيان لا يوضح المقصود من ضرب القاعدة والقانون فالصحيح ان يقال ان المخصص المنفصل تارة يرد قبل وقت الحاجة واخرى بعد وقتها فعلى الاول ليس ابراز العموم بداعى ضرب القانون ليكون مرجعا للعبد عند الشك بل يكون انشاء الخطاب بداعى الجد بالنسبة الى موضوعه وهو الخاص الذى يبين بدليل منفصل وح فان كان من عادة المتكلم اعطاء مرامه بدليل منفصل ايضا فلا ينعقد ظهور للكلام الى ان يرد المخصص او يجئ وقت حضور العمل وان لم يكن من عادته ذلك فينعقد الظهور للكلام فيتخيل العبد انه المراد ثم ينكشف خطاؤه قبل حضور وقت الحاجة واما لو ورد المخصص بعد حضور وقت العمل فانشاء الخطاب يكون بالنسبة الى الجميع عن جد غاية الامر يكون بالنسبة الى بعض الافراد عن مصلحة واقعية وبالنسبة الى بعضها عن مصلحة ثانوية ينتهى امدها عند ورود المخصص وفى هذا القسم يصح ان يقال ان القاء العام يكون بضرب القاعدة كى يكون مرجعا للعبد ليعمل على وفقه حتى يتبين الحال وعلى كل حال لا يكون مفاد العام حكما ظاهريا ولا مفاد دليل اعتباره ايضا كذلك نعم يمكن ان يقال فى القسم الاول اذا لم يكن من عادة المتكلم اعطاء مرامه بدليل منفصل ان مفاد دليل اعتباره يكون حكما ظاهريا كما ـ

٢٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ لا يخفى. وفيه عدم الفرق بين ما كان عادته اعطاء مرامه بدليل منفصل وعدمه لانعقاد ظهور الكلام فى العموم والدليل المنفصل انما يرفع حجيته وبمثل ذلك كما اشرنا اليه قال استادنا الخوئي ايضا في هامش الاجود ج ١ ص ٤٤٦ قال لا يخفى ان هذا الوجه هو الوجه الصحيح لاثبات عدم استلزام التخصيص بالمنفصل كون العام مجازا وتقريبه على وجه يسلم من الاشكال انما هو بان يقال ان لكل لفظ دلالتين إحداهما دلالته على ان المتكلم به اراد به تفهيم معناه وثانيهما دلالته على ان تلك الارادة ارادة جدية وغير ناشئة من الدواعى الأخر كالامتحان والسخرية ونحوهما اما الدلالة الاولى فقد عرفت فى مبحث الوضع أنها مستندة الى الوضع ـ واما الدلالة الثانية اعنى بها دلالة اللفظ على ان ارادة تفهيم معناه ارادة جدية فهى غير مستندة الى الوضع ليكون اللفظ المستعمل فى معناه لا بداعى الجد مجازا بل هى مستندة الى بناء العقلاء على حمل كل ما يصدر من الفاعل بالاختيار من قول او فعل على انه صدر بداعى الجد لا بغيره من الدواعى اذا عرفت ذلك فنقول ان العام متى ما استعمل فى الخارج بلا نصب قرينة على عدم ارادة معناه الحقيقى فهو يدل بالدلالة الوضعية على ان المتكلم به اراد تفهيم المخاطب لتمام معناه كما انه ببناء العقلاء يدل على ان ارادته تفهيم المعنى ارادة جدية وناشئة عن كون الحكم المجعول على العام ثابتا له واقعا لكن الدلالة الثانية المعبر عنها بالحجية كما يتوقف على عدم الاتيان بقرينة الاختصاص بعد ذلك ضرورة ان وجود القرينة المنفصلة يكون مانعا من كشف ظهور العام عن كون الحكم المجعول له ثابتا له بنحو العموم فى الواقع فالقرينة المنفصلة انما تزاحم حجية ظهور العام الثابتة ببناء العقلاء ولا تزاحم اصل ظهوره الثابت بالوضع ـ مصلحة التسهيل فى البيان ـ

٢٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ مقتضية لالقاء الكلام على نحو العموم الدال على ارادة تفهيم العام بحسب الوضع ثم الاتيان بالمخصص المنفصل الدال على اختصاص الحكم فى الواقع بغير افراد الخاص الكاشف عن ان الداعى الى ارادة تفهيم العام لم يكن هى الارادة الجدية الناشئة عن ثبوت الحكم لجميع افراد العام فى الواقع وبالجملة استعمال اللفظ فى معناه اعنى به ارادة المتكلم تفهيم المخاطب لمعنى اللفظ الموضوع له امر وكون هذه الارادة جدية وناشئة عن ثبوت الحكم لجميع افراد المستعمل فيه امر آخر والمخصص المنفصل انما يكون كاشفا عن عدم ثبوت الحكم لجميع افراد العام فى الواقع لا عن كون استعمال العام استعمالا مجازيا وقد عرفت ان الميزان فى كون اللفظ حقيقة انما هو استعماله فى معناه ولو لم يكن ذلك الاستعمال ناشئا عن الارادة الجدية الظاهر انه ليس المراد من كون العام مستعملا فى معناه قانونا وقاعدة هو كون الحكم المجعول على العام مجعولا عليه فى ظرف الشك ليرد عليه ـ اى على صاحب الكفاية ـ ما افاده شيخنا الاستاد قدس‌سره ـ اى المحقق النائيني ـ بل المراد هو ان الداعي الى استعمال العام فى معناه الموضوع له على النحو الذى تقدم بيانه انما هو كون العام بيانا للمراد ما لم يكن هناك قرينة على التخصيص فرجع هذا الوجه ايضا الى الوجه الاول. ما اختاره ذكر سيدنا الوالد المعظم له في تقريراته للمحقق العراقي ص ٢٤٢ ان المخصص اما متصل او منفصل اما في المخصص المتصل كالاستثناء فنقول ان لنا ارادة جدية على اكرام العلماء غير زيد ولا اشكال فى ان فى اللب لا يكون ارادة الجدية متعلقا بتمام العلماء بل يكون بغير زيد وهذا لا اشكال فيه ولما كان هذه الارادة الجدية لا بد من يفهمه المخاطب ومن طلب منه فلا بد فقهرا ارادة تفهيم هذه الارادة الجدية ومطلوبه الواقعى بهذا اللفظ ـ

٢٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وهذه الارادة ليس الّا التفهيم ارادة استعمالية وهذه الارادة الاستعمالية ملازم للارادة الواقعية الجدية ويكون فى طول الواقع لان رتبته رتبة الحكم الظاهرى فان المخاطب لما لم يعلم بلب ارادة المولى ففى رتبة الجهل بارادة المولى فى هذه الرتبة ان يجعل له طريقا الى فهم مراده فكما ان حكم الظاهرى يكون فى رتبة الشك بالواقع كذلك هذه الارادة يكون فى رتبة جهل المخاطب بالارادة الجدية وايضا لنا ارادة اخرى وان كان تسميته ارادة على خلاف الاصطلاح بعدم كون ارادة بل يكون لحاظ الذهن وهو لحاظ المعنى من هذا اللفظ وهذا مرحلة الاستعمال فان الاستعمال عبارة عن لحاظ المعنى عقيب اللفظ اذا عرفت هذه المراحل الثلاث فنقول تارة يكون ارادة الجدى بحد المفهوم المرئى عقيب اللفظ وارادة تفهيم تمام مراده فقهرا يصير دائرة ارادة الواقعية والإرادة التفهيم والاستعمال بحد واحد وتارة يكون دائرة الارادة الجدية ضيقا ولكن دائرة الاستعمال يكون واسعا وترى تمام المعنى عقيب اللفظ وعلى هذا ايضا تارة ارادة التفهيم بقدر دائرة الاستعمال بحيث يكون القاء الظهور اوسع من الجد وتارة يكون ارادة التفهيم اضيق من الاستعمال بل يكون صرف الاستعمال واسعا هذه الاحتمالات كلها فى مقام الثبوت ممكنا ، وايضا فى تخصيص المتصل كالاستثناء يحتمل ان يكون الاستثناء قرينة على ارادة الجدية بعد عدم الاشكال فى ان قرينة المتصلة يوجب تضييق دائرة الظهور ويكون الارادة على تفهيم العام بغير المخصص نعم يحتمل ايضا ان يكون قرينة على ان الاستعمال ايضا يكون ضيقا وفى عالم الثبوت يحتمل ان يكون الاستعمال واسعا مع ضيق الارادتين ويحتمل ان يكون الاستعمال ايضا ضيقا ولازمه المجازية واما فى المخصص المنفصل فالارادة الجدية وان يكون فى العام ضيقا ولكن الظهور يكون ـ

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ على جميع الافراد وارادة التفهيم يكون على تمام العام فائضا فى عالم الاستعمال يحتمل ان يكون الاستعمال ضيقا على خلاف الظهور التفهيمى ويكون بقدر ارادة الجدية ويحتمل ان يكون بقدر ارادة التفهيم ويكون واسعا ففى عالم الثبوت تمام هذه الاحتمالات لا ينافى عقلا ولكن لا بد فى مقام الاثبات من دليل فنقول اما فى المخصص المتصل كالاستثناء فبعد عدم الاشكال فى ان الظهور يصير ضيقا بواسطة مخصص المتصل ويكون الظهور فيما بقى ولذا يسرى اجماله الى العام وايضا يكون قرينة على ان الجد يكون ضيقا ولكن لا ندرى ان فى مقام الاستعمال ولحاظ الاستعمال يكون ضيقا ايضا ام لا والقرينة يحتمل ان يكون قرينة على المجازية ايضا فهنا يمكن ان يقال ان اصالة الحقيقة بناء على انه أصل تعبدى يجرى ويحكم بان الاستعمال يكون فى تمام ما وضع له ويكون حقيقيا ولكن فيه ان اصالة الحقيقة ان كان اصلا يجرى بلا اثر فيصح واما ان كان اصلا تعبديا فلا بد له من الاثر والمفروض انه لا اثر له هنا لان المفروض ان ارادة الجد وارادة التفهيم يكون ضيقا فاستعمال الحقيقى لا يثمر ثمر عملى اصلا فعلى هذا فليس لنا دليل على احد الوجهين نعم الوجدان يقتضى ان مع كون ارادة الجدى وارادة التفهيم ضيقا ان يكون المستعمل فيه ايضا ضيقا هذا واما المخصص المنفصل فبعد ان الاحتمالين فى مرحلة الامكان يجئ هنا ولكن لما كان ارادة الجدية ضيقا وجدان يقتضى ان الاستعمال على طبقه ولكن من ذاك الطرف لما كان الظهور مستقرا فى التمام وجدان يقتضى ان يكون مستعملا فى التمامين فالوجدانين يتعارضان ولا يمكن ان يرجح المجازية على الحقيقية ولكن هذا بخلاف المتصل فان المجازية يكون على طبق الوجدان فافهم واغتنم. فيظهر منه انه يكون مجازا الجهة الثانية عشرة في بيان ـ

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ان التخصيص بالمنفصل او كالاستثناء من المتصل كاكرم العلماء الّا الفساق او ولا تكرم الفساق فهل يقتضى تعنون موضوع العام بعنوان خاص وجودى مضاد لعنوان الخاص مثل العدول فى المثال المذكور او بكل عنوان مغاير لعنوان الخاص مناف له ضدا كان له او نقيضا او بعنوان عدمى نقيض عنوان الخاص مثل الذين هم ليسوا بفساق فى المثال المذكور او لا يقتضى شيئا من ذلك اصلا فقد تقدم الاشارة فى بعض المباحث السابقة وسيأتى عن قريب من ابتناء الكلام عليه وبينه المحقق الماتن فى المقالة الآتية لكن ذكرنا نحن مستقلا لاهميّته تبعا لاستادنا الآملي وغيره وعلى اى يظهر من بعض عبارات التقريرات المنسوب الى شيخنا الاعظم الانصاري الوجه الاول قال في ص ١٩٤ القول ان التخصيص تارة يوجب تعدد الموضوعين وتنويعهما كالعالم والفاسق والعالم الغير الفاسق مثلا ـ الى ان قال ـ فعلى الاول لا وجه لتحكيم العام لما عرفت فى الهداية السابقة واغلب ما يكون ذلك انما هو في التخصيصات اللفظية. واختار الثاني صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٤٦ قال لا يخفى ان الباقى تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل او كالاستثناء من المتصل لما كان غير معنون بعنوان خاص بل بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص. والظاهر هو الاخير فان الاول بعيد عن المذاق العرفى وابعد منه الثاني والاخير اقرب من الثالث لان الخاص ليس له وظيفة اكثر من اخراج افراده عن حكم العام فلا يقتضى اكتساء موضوع حكم العام وصفا وجوديا ولا عدميا فضلا عن اكتسائه كل عنوان كما هو ظاهر كلام الكفاية لكن يستشعر من كلام المحقق الاصفهانى ان مختار صاحب الكفاية هو الأخير قال في النهاية ج ١ ص ٣٣٩ يمكن ان يقال بعد استقرار ظهور العام فى العموم وعدم تعنونه بعنوان وجودى او عدمى بورود المخصص لاستحالة ـ

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ انقلاب الواقع عما هو عليه الى آخر كلامه قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٤٤١ فمنها القضية الطبيعية وهى ما حكم فيها على نفس الطبيعة المأخوذة بشرط لا بالاضافة الى صدقها الخارجى كقضية الانسان نوع والمحمول فى مثل هذه القضية لا يكون الّا من المعقولات الثانوية كما ان موضوعها يستحيل فرض العموم فيه ولذلك لا تستعمل هذه القضية فى الأقيسة اصلا ومنها القضية الحقيقية وهى ما حكم فيها على الطبيعة السارية الى ما فى الخارج كقضية الانسان ضاحك والخمر حرام فمتى فرض شىء صدق عليه انه انسان او خمر فهو محكوم عليه بانه ضاحك او حرام والافراد فى مثل هذه القضية لا تكون محكومة بالحكم ابتداء وانما يشملها الحكم باعتبار صدق الطبيعة المأخوذة فى الموضوع له ومنها القضية الخارجية وهى ما حكم فيها على نفس الافراد الخارجية ابتداء من دون توسط عنوان فى ذلك كما اذا قال المولى اكرم هؤلاء وعلى تقدير وجود عنوان جامع بينها فانما هو من باب الاتفاق لا من جهة دخله فى الحكم كما فى قضية قتل من فى العسكر والعموم كما يتصور فى موضوع القضية الحقيقية يتصور فى موضوع القضية الخارجية الّا ان بينهما فرقا وهو ان الموضوع فى القضية الحقيقية انما هى نفس الطبيعة الملحوظة فانية فى افرادها المقدرة والمحققة وهذا بخلاف القضية الخارجية فان موضوع الحكم فيها حقيقة نفس الافراد ولاجل ذلك لا يكون التخصيص فى القضايا الخارجية إلّا أفراديا لان مصب العموم فيها انما هو نفس الافراد دون العناوين بخلاف القضايا الحقيقية فان التخصيص فيها غالبا يكون عنوانيا وموجبا لتقيد مصب العموم بقيد وجودى او عدمى بل لم نجد فى القضايا الحقيقية الواردة فى الشريعة ما يكون التخصيص فيه افراديا الّا في مورد واحد وهو رفع الحد ـ

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ عمن اقر عند امير المؤمنين عليه‌السلام باللواط والقضية مشهورة ـ الى ان قال فى ص ٤٥٠ واما فى موارد التخصيص بالمنفصل فالمذكور فى الكلام وان كان منحصرا بنفس اللفظ الموضوع للطبيعة المهملة ولاجله كانت مقدمات الحكمة موجبة لظهوره فى ارادة المطلق الّا ان الاتيان بالمقيد بعد ذلك يكون قرينة على ان المتكلم اقتصر حينما تكلم على بيان بعض مراده اما لاجل الغفلة عن ذكر القيد او لمصلحة فى ذلك وعلى كل تقدير فاللفظ لم يستعمل الّا فى معناه الموضوع له واما عدم استعمال الاداة الّا فيما وضعت له فلانها لا تستعمل ابدا الّا فى معناها الموضوع له اعنى به تعميم الحكم لجميع افراد ما اريد من مدخولها غاية الامر ان المراد من مدخولها ربما يكون وسيعا واخرى يكون امرا ضيقا وهذا لا يوجب فرقا فى ناحية الاداة اصلا ـ فان التخصيص الافرادى ايضا لا يوجب الّا تقييد مدخول الاداة غاية الامر ان قيد الطبيعة المهملة ربما يكون عنوانا كليا كتقييد العالم بكونه عادلا او بكونه غير فاسق وقد يكون عنوانا جزئيا كتقييده بكونه غير زيد مثلا وعلى كل حال فقد استعملت الاداة فى معناها الموضوع له ـ الى ان قال في ص ٤٦٥ ان التخصيص سواء كان بالمنفصل ام بالمتصل استثناء كان المتصل ام غيره انما يوجب تقييد عنوان العام بغير عنوان المخصص فاذا كان المخصص امرا وجوديا كان الباقى تحت العام معنونا بعنوان عدمى وان كان المخصص امرا عدميا كان الباقى معنونا بعنوان وجودى والسر فى ذلك هو ما تقدم من ان موضوع كل حكم او متعلقه بالاضافة الى كل خصوصية يمكن ان ينقسم باعتبار وجودها وعدمها الى قسمين مع قطع النظر عن ثبوت الحكم له لا بد من ان يعتبر فى مقام الحكم عليه مطلقا بالاضافة الى وجود تلك الخصوصية او مقيدا بوجود تلك ـ

٢١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الخصوصية او بعدمها لانه يستحيل الاهمال فى موارد التقسيمات الاولية مثلا العالم فى نفسه ومع قطع النظر عن ثبوت الحكم له ينقسم الى عادل وغيره فاذا ثبت له حكم من قبل المولى الملتفت الى هذا التقسيم فهو لا يخلو من ان يثبت له مطلقا وغير مقيد بوجود العدالة او بعدمها ومن ان يثبت له مقيدا باحد القيدين اذ لا يعقل ان يكون الحاكم فى مقام جعل حكمه جاهلا بموضوع حكمه وغير ملاحظ له على نحو الاطلاق او التقييد من دون فرق فى ذلك بين الخصوصيات التى هى من قبيل العوارض والطوارى والخصوصيات التى هى من قبيل المقارنات الخارجية وعليه فاذا فرضنا خروج قسم من الاقسام من حكم العام فإما ان يكون الباقى تحته بعد التخصيص مقيدا بنقيض الخارج فيكون دليل المخصص رافعا لاطلاقه فهو المطلوب واما ان يبقى على اطلاقه بعد التخصيص ايضا فيلزم التهافت والتناقض بين مدلولى العام ودليل التخصيص. والجواب عنه اما عن القضايا الحقيقية فقد مرّ مرارا وانه خلاف التحقيق حتى قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٤٥ ما فرضه حقيقية يكون خارجيا عندنا لان فرض وجود الموضوع عند القاء الحكم يكون معناه هو ان كل فرد يكون موجودا خارجا يكون مصب هذا الحكم ومن لم يكن موجودا لا يكون الحكم بالنسبة اليه فعليا ولكن نحن نقول الحكم يكون على الطبيعة ولا يكون شرطه الوجود بل الطبيعة المرسلة القابلة للتطبيق على كل فرد سواء كان موجودا فعلا او معدوما فكان العام بمنزلة وضع الحكم لكل فرد فرد وارساله اليه فيلقى الحكم على كل موضوع بواسطة أداة العموم. والامر كما ذكره وليس المراد الطبيعة بشرط لا اصلا والعمدة فى الجواب ما افاده المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٥١٩ بقوله ولكن فيه منع اقتضاء التخصيص كالتقييد لاحداث ـ

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ عنوان سلبى او ايجابى فى ناحية الافراد الباقية تحت العام وقياسه بباب التقييد والاشتراط الموجب لتعنون الموضوع بوصف وجودى ام عدمى مع الفارق جدا فان شأن التخصيص سواء فى المتصل او المنفصل فى قوله اكرم العلماء الّا زيدا او عمروا مثلا انما هو مجرد اخراج بعض الافراد او الاصناف عن تحت حكم العام وتخصيصه بالافراد الباقية من دون اقتضائه لاحداث عنوان ايجابى او سلبى فى ناحية الافراد الباقية فى مقام موضوعيتها للحكم بل هذه الافراد الباقية بعد التخصيص كانت على ما كانت عليها قبل التخصيص فى الموضوعية للحكم العام بخصوصياتها الذاتية فهو اى التخصيص فى الحقيقة بمنزلة انعدام بعض الافراد او الاصناف بموت ونحوه فكما ان خروج من مات منها لا يوجب تعنون الافراد الباقية بعنوان وجودى او سلبى بل كانت الافراد الباقية على ما هى عليها قبل خروج من خرج بالموت من كونها تمام الموضوع للحكم كذلك ايضا فى التخصيص فلا يوجب ذلك ايضا احداث عنوان سلبى او ايجابى فى الافراد الباقية ولا تغيّرا فيها فى موضوعيتها للحكم بالانقلاب عن كونها تمام الموضوع الى جزئه ومجرد اختصاص حكم العام ح فى قوله اكرم العلماء بعد التخصيص بغير دائرة الخاص من بقية الافراد او الاصناف لا يكون من جهة تعنون الافراد الباقية بعنوان خاص فى مقام موضوعيتها للحكم بل وانما ذلك من جهة ما فى نفس الحكم من القصور الناشئ من جهة تضيق دائرة الغرض والمصلحة عن الشمول ثبوتا لغير الافراد الباقية وهذا بخلافه فى باب التقييد والاشتراط حيث ان قضية التقييد بشىء تعنون موضوع الحكم بوصف وجودى ام عدمى غير حاصل قبل توصيفه به كما فى قوله اكرم العالم وقوله اعتق الرقبة حيث انه بورود دليل التقييد بكونها مؤمنة ينقلب ـ

٢١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الذات عن كونها تمام الموضوع الى جزء الموضوع فيصير الموضوع عبارة عن الرقبة المقيدة بالايمان بنحو خروج القيد ودخول التقيد ـ ثم انه مما يشهد لما ذكرنا من الفرق بين البابين اطباقهم على عدم جواز التمسك بدليل المطلق فى موارد الشك فى مصداق القيد كالشك فى طهارة الماء واطلاقه حيث لم يتوهم احد جواز التمسك ح باطلاق ما دل على جواز التوضؤ بالماء لاثبات جواز الوضوء بما شك فى طهارته او اطلاقه بخلاف موارد الشك فى مصداق المخصص فى العام حيث ان فيها خلافا بين الاعلام بل المشهور من القدماء كما قيل على جواز التمسك بالعام ومن المعلوم انه لا يكون الوجه فى ذلك الّا ما اشرنا اليه من الفرق بين البابين والّا فلو كان مرجع التخصيص ايضا كالتقييد الى احداث عنوان سلبى أو ايجابى فى ناحية الافراد الباقية تحت العام لما كان وجه لاختلافهم فى جواز الرجوع الى العام فى المقام مع اطباقهم على عدم جواز الرجوع الى دليل المطلق عند الشك فى مصداق القيد كما لا يخفى ثم ان هذا كله فى بيان الفرق بين كبرى البابين بحسب مقام الثبوت واما بحسب مقام الاثبات واستظهار أنه أى مورد من باب التخصيص واى مورد من باب التقييد والاشتراط فلا بد فى استفادة احد الامرين من المراجعة الى كيفية السنة الادلة. وفى مثله نقول بان ما كان منها بلسان الاستثناء كقوله اكرم العلماء الّا زيدا فلا اشكال فى انه من باب التخصيص حيث انه لا يستفاد من نحو هذا اللسان ازيد من تكفله لاخراج زيد عن العموم المزبور وحصر حكم العام بما عدا زيد من الافراد الأخر كما ان ما كان منها بلسان الاشتراط كقوله يشترط ان يكون كذا وان لا يكون كذا او بلسان نفى الحقيقة عند فقدان امر كذائى كقوله لا صلاة الّا بطهور ولا رهن الّا مقبوضا فلا اشكال ايضا في ـ

٢١٣

مقالة (١) لا اشكال فى ان العام المخصص بالمبين حجة فى ما بقى متصلا

______________________________________________________

ـ كونها من باب التقييد واما ما كان منها بلسان لا تكرم الفساق من العلماء او لا يجب اكرام الفساق منهم كما هو الغالب فى التخصيصات بالمنفصل فهو قابل لكلا الامرين حيث يصلح لان يكون من باب التقييد فيقيد به العنوان المأخوذ فى العام فى قوله اكرم العلماء بكونهم عادلين او غير فاسقين كصلاحيته ايضا لان يكون من باب التخصيص الغير الموجب الّا لحصر الحكم فى قوله اكرم العلماء بما عدا الفسّاق من الافراد الآخر من دون اقتضائه لتعنون الافراد الباقية بكونهم عادلين او غير فاسقين وان كانوا فى الواقع ملازمين مع العدالة قهرا. الى آخر كلامه واتضح ان التخصيص لا يوجب تعنون العنوان به وسيأتي ايضا الاشارة اليه والآثار المترتبة عليه.

فى ان العام المخصص حجة فى الباقى

(١) نموذج ٢ في العام المخصص حجة في الباقى من الافراد ام لا قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٥١٢ قد اختلف كلماتهم فى حجية العام المخصص فى الزائد عن المقدار المعلوم من التخصيص وعدم حجيته وتوضيح المقال يستدعى بيان اقسام صور التخصيص لكى يعلم ما هو محل الكلام وانه فى اى قسم من اقسامه فنقول اعلم ان صور التخصيص على انحاء من جهة ان المخصص اما ان يكون متصلا او منفصلا وعلى التقديرين تارة يكون مبينا بحسب المفهوم والمصداق كليهما واخرى مجملا بحسب المفهوم وثالثة يكون مبيّنا بحسب المفهوم دون المصداق ورابعة بعكس ذلك ثم انه على تقدير الاجمال تارة يكون اجماله وتردّده بين الاقل والاكثر واخرى بين المتباينين ثم المخصص ايضا تارة يكون لفظيا واخرى لبيّا فهذه اقسام صور التخصيص وانحائه.

٢١٤

كان التخصيص كالاستثناء او منفصلا اما فى صورة الاتصال (١)

______________________________________________________

(١) الصورة الاولى فى المخصص المتصل المبيّن مفهوما ومصداقا كالاستثناء كقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ ...) الآية فان العموم محرما نكرة في سياق النفى بقاء على انه من العموم والمخصص مبين ومتصل بناء على ان الاستثناء من المتصل وقوله تعالى : (... وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ...) الآية ونحوها فى غير الاستثناء وهو الشرط ونحوه وفى هذا الفرض لا اشكال فى حجية العام وجواز التمسك به فى البقيّة على جميع المسالك المتقدمة اما على القول بوضع هذه الاسامى لاستيعاب افراد ما يراد من المدخول فظاهر فانه قد تقدم من صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٣٤ كما لا ينافى دلالة مثل لفظ كل على العموم وضعا كون عمومه بحسب ما يراد من مدخوله ولذا لا ينافيه تقييد المدخول بقيود كثيرة ـ اما فى التخصيص المتصل فلما عرفت من انه لا تخصيص اصلا وان ادوات العموم قد استعملت فيه وان كان دائرته سعة وضيقا تختلف باختلاف ذوى الادوات فلفظة كل فى مثل كل رجل وكل رجل عالم قد استعملت فى العموم وان كان افراد احدهما بالاضافة الى الآخر بل في نفسها فى غاية القلة. وبعبارة اخرى ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٥١٢ فانه عليه لا يلزم المجازية ايضا فى العموم بمقتضى التخصيص حتى يقال يتردد الامر فى المجاز بين بقية المراتب ولا تعين لمرتبة خاصة منها. وذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٤٥٢ اما فى موارد التخصيص بالمتصل فالوجه فى ذلك ظاهر لانه لا تخصيص فى تلك الموارد حقيقة وانما تكون دائرة العموم فيها ضيقة من اول الامر فالتمسك بالعام فى موارد الشك فى التخصيص يكون تمسكا بالعموم من غير ثبوت ـ

٢١٥

فالامر ظاهر (١) من جهة ظهور المستثنى منه فى غير المستثنى كما هو الشأن (٢) فى كل قرينة متصلة حيث انه موجب لانقلاب ظهور اللفظ بوضعه (٣) الأولى مثلا الى ظهور آخر حيث ان المدار فى الحجية على

______________________________________________________

ـ تخصيص فيه اصلا. وعلى اى قال المحقق العراقي في النهاية ج ٢ ص ٥١٢ واما على القول الآخر من وضعها لاستيعاب المدخول لجميع ما يصلح للانطباق عليه من الافراد فكذلك ايضا من جهة ان قضية التخصيص بالمتصل ح وان كان هو الكاسرية لظهوره فى الاستيعاب فى جميع المراتب فلا يكون له ظهور معه فى الاستيعاب لجميع ما ينطبق عليه المدخول من الافراد ولكن نقول ببقاء ظهوره ح على حال بالنسبة الى بقية المراتب الأخر من جهة ان الخاص انما يمنع عن ظهور العام ح بمقدار اقتضائه وهو لا يكون الّا المرتبة العالية واما غيرها من بقية المراتب فتبقى على حالها من الظهور الذى يقتضيه العام. ويظهر من بعض عبارات الكفاية ج ١ ص ٢٣٢ هذا القول ايضا قال والّا فالعموم في الجميع بمعنى واحد وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح ان ينطبق عليه الى غير ذلك لكن ظاهر كلامه هو القول الاول وهو ما يراد من المدخول فراجع.

(١) فذكر المحقق الماتن السر فى الوضوح فى المخصص المتصل بانه بعد التخصيص بالمتصل بالاستثناء ينعقد ظهور المستثنى منه فى مثل لا اجد محرما فى غير المستثنى وهو الدم والميتة ونحوهما.

(٢) كما ينعقد الظهور كذلك فى كل قرينة متصلة كما فى كل من ابويه السدس عند وجود الولد.

(٣) فان ظهور اللفظ فى عموم ما ينطبق عليه بوضعه الاولى لكن ينقلب بالقرينة بتعدد الدال والمدلول الى ظهور آخر ثانوى.

٢١٦

الظهور الفعلى (١) فلا يكون العام المستثنى منه الّا ظاهرا فى الباقى فعلا (٢) فيتّبع واما اذا كان المخصص منفصلا عن العام (٣) فلا شبهة ايضا فى ان القرينة المنفصلة لا يقلب ظهور العام او غيره عما يقتضيه طبع اللفظ بوضعه او غيره وانما هو مانع عن حجية هذا الظاهر (٤)

______________________________________________________

(١) والمدار على الظهور الفعلى وهو الحجة والمتبع.

(٢) ففى الاستثناء يكون ظاهرا فيما عدا المستثنى منه وهو الباقى تحت العام بمرتبته العليا.

(٣) الصورة الثانية ان يكون المخصص منفصلا عن العام وكان مبيّنا بحسب المفهوم والمصداق كليهما.

(٤) وتوضيحه قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٥١٤ واما لو كان منفصلا عن العام فاذا كان الخاص مبيّنا بحسب المفهوم والمصداق كليهما فالحكم فيه كما في الخاص المتصل المبين بحسب المفهوم والمصداق من حجية العام وجواز التمسك به فى الباقى بل الحكم فيه اوضح من فرض اتصال المخصّص وذلك من جهة استقرار الظهور ح للعام وعدم انثلامه بقيام القرينة المنفصلة على الخلاف كما فى الخاص المتصل حيث ان غاية ما يقتضيه التخصيص بالمنفصل انما هو المانعية عن حجية ظهوره المستقر فى العموم لا عن اصل ظهوره وذلك بملاك اقوى الحجتين ومن ذلك ربما يقدم ظهور العام على ظهوره فيما لو كان العام اقوى ظهورا منه وعلى ذلك فكان اللازم هو اتباع ظهوره فى العموم فى غير مورد قيام الحجة على الخلاف وهو واضح. وهو ايضا كما في الكفاية ج ١ ص ٣٣٦ وبالجملة الفرق بين المتصل والمنفصل وان كان بعدم انعقاد الظهور فى الاول الّا فى الخصوص وفى الثاني الّا فى العموم الّا انه لا وجه لتوهم استعماله مجازا فى واحد منهما اصلا ـ

٢١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وانما اللازم الالتزام بحجية الظهور فى الخصوص فى الاول وعدم حجية ظهوره في خصوص ما كان الخاص حجة فيه فى الثانى فتفطن. وتوضيح ذلك قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٢٤٢ واما فى المخصص المنفصل فلما عرفت ايضا من ان الادوات والمدخول كليهما مستعملان فيما وضعا له ولذا لم يكونا مجازا وقد انعقد الظهور التصديقى للعام فى العموم والمخصص المنفصل لا يصادم ذاك الظهور اذ انعقاد الظهور التصديقى فى العموم لا يتوقف على عدم البيان مطلقا اعم من المتصل والمنفصل كى ينقلب الظهور عند وصول البيان ولو منفصلا بل يتوقف على عدم البيان المتصل فان الظهور التصديقى يستقر بما يكون فى الكلام حين الخطاب والمخصص المنفصل انما يصادم حجية العام فى عمومه وبما انه اقوى منه فيقدم عليه بمقدار حجته وح فالعام فى غير ما يصادمه الخاص تكون حجيته بلا معارض فيجب ان يؤخذ به. وهذا هو الصحيح عندنا ولكن ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٤٥٢ وجها آخر على مسلكه قال واما فى موارد التخصيص بالمنفصل فالوجه فيه هو ما قد عرفت من ان التخصيص فى القضايا الخارجية او الحقيقية سواء كان التخصيص انواعيا ام كان افراديا انما يزاحم اطلاق المدخول فيكون مقيدا له ولا يكون مصادما للعموم ابدا فاذا كان للمدخول اطلاق من جهات عديدة وفرض ورود مقيد عليه من جهة وارتفع اطلاقه من تلك الجهة فلا وجه لرفع اليد عن اطلاقه من بقية الجهات كما هو الحال فى غير المقام من موارد التمسك بالاطلاق. واجاب عنه استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٤٥٢ بقوله بل الوجه فيه ما عرفت من ان المخصص المنفصل انما يزاحم حجية ظهور العام لا نفس ظهوره اذ عليه يكون ظهور العام حجة ما لم تثبت حجة اقوى منه على خلافه ـ

٢١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وبما ان المفروض فى محل الكلام انه لا حجة على خلاف العام فى غير مورد ثبوت التخصيص يكون ظهور العام حجة فلا بد من الأخذ به وبالجملة اذا ثبت ان التخصيص بالمنفصل لا يستلزم كون العام مجازا وانه لا يزاحم ظهوره فلا بد من الأخذ به ما لم يزاحمه دليل اقوى منه وبما انه ليس فى غير مورد التخصيص دليل على خلاف ظهور العموم لا بد من الاخذ بظهوره فتدبر جيدا. وفيه ان ذلك لا يكون جوابا عنه لانه تكلم على مبناه والصحيح فى الجواب ان يقال مضافا الى ان العموم لا يحتاج الى الاطلاق حتى يقيد ما قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٢٤٣ ولا يخفى ان ما افاده قده بناء على ما بنى عليه فى غاية المتانة الّا ان مبناه خال عن السداد اذ مضافا الى ما عرفت من عدم كون الادوات موضوعة لاستيعاب ما يراد من المدخول ومع فرضه لا مجال لتقدم ذلك على الاطلاق الشمولى ولا مجال ايضا لارجاع التخصيص الى تقييد المدخول خصوصا اذا كان عمومه افراديا (اذ يكون وزان التخصيص وزان طريان الفقد على بعض الافراد فهل يرضى الذوق السليم ايجاب فقد بعض الافراد لتعنون المدخول بعنوان غيره) يبقى مجال السؤال عن ان الادوات هل هى موضوعة لاستيعاب المراد من المدخول المستكشف بالقيد الاعم من المتصل والمنفصل الملازم لتصادم المنفصل منه مع ظهور العام بحيث ينقلب ظهوره بعد وصول ذلك فكان الظهور التصديقى منوطا بعدم ورود البيان بالاعم من المتصل والمنفصل حتى يكون الدليل المنفصل قرينة على هدم الظهور كما يظهر ذلك منه (قده) فى المبحث السابق او هى موضوعة لاستيعاب ما يراد من المدخول المستكشف بالدليل المتصل حتى لا يصادم الدليل المنفصل ظهور العام بل يصادم حجيته كما يصرح بذلك فى المبحث الآتى. واورد على الاشكال بوجه آخر ذكر ـ

٢١٩

وح ربما يتولد منه اشكال معروف (١) بان العام لا يكون له الّا ظهور واحد (٢) ودلالة فاردة وبعد مجيء المعارض (٣) المانع عن حجية هذا الظاهر (٤)

______________________________________________________

ـ ذلك ودفعه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٥١٣ ولا ـ اى لا يحتاج ـ الى اثباته ايضا من جهة اقتضاء عقد الاستثناء لذلك كما ادعى من دعوى ان الاستثناء كما تكون قرينة صارفة عن ارادة المعنى الحقيقى كذلك تكون قرينة معينة لتعين ما دون المرتبة العالية من بين المراتب فان ذلك ايضا مبنى على الالتزام بانعدام اصل الظهور بمجرد قيام القرينة المتصلة على العدم بالنسبة الى المرتبة العالية وهو كما ترى لا وجه له.

(١) هذا الاشكال موجود فى الكفاية وغيرها قال فى الكفاية ج ١ ص ٣٣٧ ومعه لا مجال للمصير الى انه قد استعمل فيه ـ اى فى الباقى ـ مجازا كى يلزم الاجمال لا يقال هذا مجرد احتمال ولا يرتفع به الاجمال لاحتمال الاستعمال فى خصوص مرتبة من مراتبه. وفى تقريرات شيخنا الاعظم الانصارى ص ١٩٢ بان الباقي بعد التخصيص مرتبة من مراتب المجاز وهى متساوية فتعين الباقي دون غيره ترجيح من غير مرجح. وتوضيح هذا الاشكال قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٥٣ واما القائل بعدم الحجية مطلقا فاستدل بان الفطرة قاضية بان الارادة الجدية غير منفكة عن الارادة الاستعمالية فان من يتكلم يفنى اللفظ فى المعنى.

(٢) ولا يخفى ان اللفظ ـ اى العام ـ يكون له فناء واحد فى معنى واحد فقط.

(٣) اى بعد ورود التخصيص.

(٤) فاذا قيل اكرم كل عالم الّا الفساق يكون دلالة العام على البقية فى ضمن الدلالة على الجميع فاذا انتفى الدلالة على البعض ينتفى عن الكل ايضا لانه ليس للفظ واحد دلالتان.

٢٢٠